كان عاشر
السلاطين الدولة العثمانية وصاحب أطول حكم من 6 نوفمبر 1520 حتى وفاته في 5/6/7 سنة 1566. عرف عند
الغرب باسم
سليمان العظيم[1]وفي الشرق باسم
سليمان القانوني (في التركية
Kanuni) لما قام به من إصلاح في النظام القضائي العثماني. أصبح سليمان حاكما بارز في أوروبا في
القرن السادس عشر،
يتزعم قمة سلطة الإمبراطورية العثمانية العسكرية والسياسية والاقتصادية.
قاد سليمان الجيوش العثمانية لغزو المعاقل والحصون المسيحية في
بلغراد ورودوس وأغلب أراضي
مملكة المجر قبل أن يتوقف في
حصار فيينا في 1529. ضم أغلب مناطق
الشرق الأوسط في صراعه مع
الصفويين ومناظق شاسعة من
شمال أفريقيا حتى
الجزائر. تحت حكمه، سيطرت الأساطيل العثمانية على بحار المنطقة من
البحر المتوسط إلى
البحر الأحمرحتى
الخليج[2].
بعد خرقه لتقليد عثماني، تزوج سليمان فتاة حريم، كريمة، والتي أصبحت حريم السلطان (
بالتركية: Hürrem Sultan) مؤامراتها كملكة في الحاشية وتأثيرها على السلطان جعلا منها مشهورة جدا. تولى ابنهما،
سليم الثاني،
خلافة سليمان بعد وفاته في 1566 بعد 46 سنة من الحكم. يعتبر المؤرخون
الغربيون هذا السلطان أحد أعظم الملوك على مر التاريخ لأن نطاق حكمه ضم
الكثير من عواصم الحضارات الأخرى
كأثينا وصوفيا وبغدادودمشق وإسطنبول وبودابست وبلغراد والقاهرة وبوخارست وتبريز وغيرهم.
بداية حياتهولد سليمان في
طرابزون الواقعة على سواحل البحر الأسود يوم 6 نوفمبر 1494
[5] لوالدته عايشه حفصة سلطان أو حفصة حاتون سلطان التي ماتت في 1534. حينما بلغ سبع سنوات، ذهب ليدرس
العلوم والتاريخ والأدب والفقه والتكتيكات العسكرية في مدارس
الباب العالي في
القسطنطينية. استصحب في طفولته
إبراهيم وهو عبد سيصبح في المستقبل أحد أكبر مستشاريه
[6]. تولى سليمان الشاب وعمره سبعة عشر سنة منصب والي
فيودوسيا ثم ساروخان (
مانيسا) ولفترة قصيرة
أدرنة[7]. بعد وفاة والده
سليم الأول (1465-1520)، دخل سليمان القسطنطنية وتولى الحكم كعاشر السلاطين العثمنيين. يقدم مبعوث
جمهورية البندقية،
بارتلوميو كونتاريني، أقدم وصف للسلطان بعد أسابيع من توليه الحكم فيقول:
يبلغ
من العمر الخمسة والعشرين، طويل ونحيف، وبشرته حساسة. عنقه طويل قليلا،
وجهه رقيق ومعقوف الأنف. شارباه متدليان ولحيته قصيرة ومع ذلك له طلعة
لطيفة مع بشرة تميل إلى الشحوبة. يقال أنه حكيم ومولع بالدراسة والتعلم
وكل الرجال يأملون الخير من حكمه وله عمامة كبيرة للغاية[8]. يعتقد بعض المؤرخين أن سليمان الشاب كان يكن التقدير
للإسكندر الأكبر[9][10].
حيث تأثر برؤية ألكسندر لبناء إمبراطورية عالمية من شأنها أن تشمل الشرق
والغرب، وهذا خلق دافعا لحملاته العسكرية لاحقة في آسيا وأفريقيا، وكذلك
في أوروبا.
سليمان القانوني
توليه مقاليد السلطةتولى السلطان سليمان القانوني بعد موت والده السلطان سليم الأول في
9 شوال 926هـ –
22 سبتمبر 1520م،
وبدأ في مباشرة أمور الدولة، وتوجيه سياستها، وكان يستهل خطاباته بالآية
الكريمة {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ}
[11]، والأعمال التي أنجزها السلطان في فترة حكمه كثيرة وذات شأن في حياة الدولة.
في الفترة الأولى من حكمه نجح في بسط هيبة
الدولة والضرب على أيدي الخارجين عليها من الولاة الطامحين إلى الاستقلال،
معتقدين أن صغر سن السلطان الذي كان في السادسة والعشرين من عمره فرصة
سانحة لتحقيق أحلامهم، لكن فاجأتهم عزيمة السلطان القوية التي لا تلين،
فقضى على تمرد “
جان بردي الغزالي” في الشام، و”
أحمد باشا” في مصر، و”
قلندر جلبي” في منطقتي قونيه ومرعش الذي كان شيعيًا جمع حوله نحو ثلاثين ألفًا من الأتباع للثورة على الدولة.
[عدل]الصدام مع الدولة الصفويةبعد ثتبيث حدوده في أوروبا اتجه سليمان نحو آسيا حيث قام حملات كبرى ضد
الدولة الصفويةلتندلع بذلك
الحرب العثمانية الصفوية (1532–1555)، ويرجع السبب في ذلك لحدثين بارزين، الأول هو مقتل والي بغداد الموالي لسليمان على يد
الشاه طهماسب وتعويضه بموالي له والثاني تحالف والي بدليس مع الصفويين
[30]، ابتدأت من سنة
941هـ –
1533م، حيث نجحت الحملة الأولى في ضم
تبريزوبدليس إلى سيطرة الدولة العثمانية دون أي مقاومة، حيث ساق الوزير الأول
إبراهيم باشا الجيوش وضم العديد من الحصون والقلاع في طريقه كقلعتي وان
وأريوان، وعمل الوزير الأول على بناء قلعة في
تبريز وترك فيها من الحامية المنظمة مايكفي لحفظ الأمن العمومي في 1534.
وفي شهر أيلول (سبتمبر) من نفس السنة وصل سليمان الأول إلى تبريز واستأنف العمليات الحربية بنفسه ضد الشاه
طهماسبالذي كان يتراجع بجيشه عوض المواجهة لكن سوء الطرق وكثرة الأوحال وسوء
الأحوال الجوية جعلت نقل المدفعية العثمانية الضخمة أمرا محالا
[31]، فقام الخليفة بتحويل الوجهة نحو
بغداد و بالفعل دخلها بعد هروب حاميتها الصفوية في 1535، وقام السلطان عند دخوله بزيارة قبور الأئمة العظام المتواجدة في
العراق مما أكد أحقية سليمان في قيادة العالم الإسلامي وحمل شعلة
الخلافة من
العباسيين[32].
قام سليمان بحملة أخرى لهزم الشاه في
1548-1549.
كالحملات السابقة تفادى طمهاسب المواجهة المباشرة مع الجيش العثماني
واختار التراجع فأحرق أرمينيا (منطقة بإيران) فلم يجد العثمانيون مكانا
يقيهم من شتاء
القوقاز القاسي
[31]. أنهى سليمان حملته بمكاسب عثمانية مؤقتة في تبريز وأرمينيا وموقع دائم في
محافظة فان وقلاع في
جورجيا[33]. في 1553 بدأ سليمان حملته الثالثة والأخيرة ضد الشاه. بعد خسارة
أرضروم في وقت سابق لابن الشاه، استهل سليمان الحملة باسترجاعها وعبور
الفراتالعلوي وصولا إلى بلاد فارس. أكمل جيش الشاه خطته التي ترمي الترجع وعدم
الاشتباك مع العثمانيين مما أدى إلى حالة جمود فلم يكن هناك لا غالب ولا
مغلوب. في سنة
962هـ -
1555م أجبر السلطان سليمان الشاه
طهماسب على الصلح وأحقية العثمانيين في كل من
أريوان و
تبريز وشرق
الأناضول وأمن بذلك بغداد وجنوب
بلاد الرافدين ومصبات الفرات و
دجلة وأخذ أجزاء من
الخليج العربي[34] ووعد الشاه أيضا بوقف هجوماته في الأراضي العثمانية.
[35].
مكائد زوجته روكسلان وابنهاأرادت إحدى زوجات السلطان المعروفة باسم روكسلان الروسية
[48] في المراجع الغربية أو خرم (بتشديد وكسر الراء) في المراجع التركية تمهيد الطريق لابنها سليم ليتولى ميراث أبيه فيما بعد
[49]،
فاشتغلت بالدسائس وساعدها الصدر الأعظم رستم باشا على ذلك، فانتهز الأخير
فرصة سفر ابن السلطان مصطفى في إحدى الحملات العسكرية إلى بلاد فارس وكاتب
سليمان الأول يخبره أن ابنه يريد أن يثور عليه كما ثار أبوه(
سليم الأول) على جده
بايزيد الثاني،
فانطلت الحيلة على الخليفة الذي سافر من فوره إلى معسكر الجيش في بلاد
فارس متظاهرا بقيادة الجيش بنفسه، واستدعى ابنه إلى خيمته وقتله فور دخوله
إياها، وكان للسلطان سليمان ابن آخر يدعى جهانكير توفي أيضا بعد مقتل أخيه
مصطفى بقليل من شدة الحزن
[50].
بعد وفاة روكسلان الروسية، قام إبنها سليم
بالكيد لبايزيد ابن السلطان سليمان المتبقي وأخوه من زوجة ثانية، وتمكن من
استئجار مربي بايزيد ليسرب له معلومات كاذبة مفادها أن والده الخليفة كان
ينوي استخلاف سليم الأصغر سنا على ملك آل عثمان، وجرت مراسلات بين الأخوين
تمكن فيها سليم من إثارة غضب بايزيد، وقام الأخير بمس كرامة أبيهما ببعض
العبارات في إحدى المراسلات، فأرسل سليم الكتاب إلى الخليفة سليمان الذي
غضب غضبا شديدا وكتب إلى بايزيد يوبخه ويأمره بالانتقال من إمارته في
قونية إلى مدينة أماسيا، فخشي بايزيد غدر أبيه فجمع قرابة عشرين ألفا من
الجنود وآثر التمرد على أبيه
[51]، إلا أن نار التمرد أخمدت على يدي جيش الوزير
صقللي محمد باشا، وإلتجأ بايزيد مع أبنائه إلى جوار
طهماسبشاه فارس، ولكن طهماسب غدر في الابن المسكين وسلمه إلى أبيه بعد أن أظهر
له المودة وقبل أن يجيره، وقتل رسل السلطان بايزيد مع أبنائه الأربعة
[50].
التطور الحضاريكان السلطان سليمان القانوني شاعرًا له ذوق فني رفيع، وخطاطًا يجيد الكتابة، وملمًا بعدد من اللغات الشرقية من بينها
العربية، وكان له بصر
بالأحجار الكريمة،
مغرمًا بالبناء والتشييد، فظهر أثر ذلك في دولته، فأنفق بسخاء على المنشآت
الكبرى فشيد المعاقل والحصون في رودس وبلجراد وبودا، وأنشأ المساجد
والصهاريج والقناطر في شتى أنحاء الدولة، وبخاصة في
دمشق و
مكة و
بغداد، غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة.
أعمالهقام سليمان القانوني بالعديد من أعمال التشييد، ففي عصره بنى مدينة السليمانية
[بحاجة لمصدر] بالعراق العجمي على انقاض قرية قديمة. كما بنى
جامع السليمانية الذي بناه المعماري
سنان، و
التكية السليمانية في
دمشق، كما قام بحملة معمارية في
القدسمن ضمنها ترميم سور القدس الحالي. كما عرف بسنّه قوانين لتنظيم شؤون
الدولة عرفت باسم “قانون نامه سلطان سليمان” أي دستور السلطان سليمان،
وظلت هذه القوانين تطبق حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وكان ذلك مصدر
تلقيبه بالقانوني. ولقد سماه الفرنجه بسليمان
العظيم. ويعرف أيضا بلقب سليمان المشرع.
وفاتهذريته
- محمود (1512-1521): مات وهو طفل.
- الأمير مصطفى الصادق (1515-1553). أكبر أبنائه الذين وصلوا إلى سن البلوغ وولي العهد من 1521 إلى 1553. ولد لسليمان من زوجته الأولى مهدفران واغتيل على طلب من والده في 1553.
- مراد: مات في 1521 وهو طفل يتعلم المشي[61].
- محمد (1521-1543): أكبر أبناءه من روكسلانا ووالي مانيسا في 1542-15430. قبل موته كان يعتبر الوريث الأوفر حظا لخلافة والده.
- محريمة سلطانة (1522-1578): كبرى بناته من روكسلانا وتزوجت في 1539 رستم باشا، وهو جنرال كرواتي عثماني أصبح حاجبا مرتين لاحقا (1544-1553, 1555-1561). كان لها تأثير كبير على السلطة حيث أصبحت السلطانة الوالدة بين 1566 و 1578.
- عبد الله (1522-1525): مات وهو طفل.
- سليم الثاني سارخوش السكير (1524-1574): ابنه من روكسلانا.
بعد اغتيال مصطفى في 1553 أصبح ولي العهد وبعد اغتيال بايزيد في 1561 أصبح
الوريث الوحيد. فخلف والده في 1566 وتزوج نوربانو سلطان (راكيل ناسي 1525-1583) في 1545. ولد ابنه الأول مراد في 1546 الذي بدوره أصبح سلطانا.
- بايزيد فاكاسي (1525-1561): ابنه من روكسلانا
ومنافس سليم الوحيد لخلافة سليمان وعهد له بعدة مناصب قبل 1559، عندما هزم
على يد سليم ولاذ بالفرار إلى المنفى نحو الحاشية الفارسية. اغتيل بناء
على طلب من والده في 1561 (مع أبنائه الأربعة)[50].
- جيهانكير (1531-1553): ابنه من روكسلانا وهو أحدب وقتل بعد مقتل مصطفى